الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه ومن والاه
أما بعد :
فقد أفتى جمعٌ من الحركيين بجواز المظاهرات ، وهم يدركون تمام الإدراك أن المظاهرات وسيلة غربية للضغط على الحكام من قبل الشعوب
وقد نسوا أو تناسوا هذا الحديث الصحيح
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فليأخذ بيده فليخلوا به فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى الذي عليه )) رواه ابن أبي عاصم في السنة 1098
وقد حاول بعضهم تضعيف هذا الحديث وأنى لهم ذلك
فإن للحديث طرق
منها رواه ابن أبي عاصم في السنة 1098حدثنا محمد بن عوف ، ثنا عبد الحميد بن إبراهيم ، عن عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي عن الفضيل بن فضالة يرده إلى ابن عائذ يرده ابن عائذ إلى جبير بن نفير عن عياض بن غنم به
وهذا أعله بعضهم بعدة علل وكلها إعلالات متعقبة
العلة الأولى عبدالحميد بن إبراهيم الحمصي وهو ضعيفٌ حقاً ولكنه توبع من قبل عمرو بن الحارث في التاريخ الكبير وذلك في ترجمة عياض بن غنم )
وعمرو بن الحارث قال فيه الحافظ (( مقبول )) وقال الذهبي (( لا تعرف عدالته ))
والأظهر أنه صدوق لقول ابن حبان فيه في الثقات (( مستقيم الحديث ))
وهذا يدل على أنه عرف حاله وسبر حديثه
وإلى اعتبار هذه اللفظة تعديلاً معتبراً كان يذهب المعلمي كما في التنكيل
ولو فرضنا جدلاً أنه مجهول الحال فروايته صالحة للإعتبار
العلة الثانية فضيل بن فضالة قال فيه الحافظ في التقريب (( مقبول ))
والحق أنه أعلى من ذلك فقد روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي وهو لا يروي إلا عن ثقة كما نص على ذلك الإمام أحمد
وذكره ابن حبان في ثقاته وروى عنه جمع من الثقات
العلة الثالثة الإنقطاع بين فضيل بن فضالة و ابن عائذ
وهذه علة متوهمة وإلا فالمعاصرة ثابتة بينهما وإمكانية اللقاء حاصلة فكلاهما شامي
العلة الرابعة الإنقطاع بين ابن عائذ وجبير وهذه كسابقتها
فابن عائذ إنما أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة _ وجبير تابعي _
وكلاهما شامي بل كلاهما حمصي فقد حصلت المعاصرة وأمكن اللقاء فدعوى الإنقطاع تافهة ولا ينظر فيها
وابن عائذ إنما كان يرسل ولم يكن مدلساً
وبهذا يثبت أن هذا السند حسن لغيره في أسوأ أحواله
ولهذا السند عاضد عند ابن ابي عاصم في السنة - حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد قال : قال عياض بن غنم لهشام بن حكيم ألم تسمع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه .
ورجال هذا السند ثقات غير أن شريح لا يعرف له سماع وعياض أو هشام
وعلى كل حال هذا يعضد سابقه وبهما يكون الحديث ثابتاً والله وأعلم _ هذا البحث مستفاد من مقال لأحد الإخوة _
فانظر رحمني وإياك كيف أن الحركيين استبدلوا الطريقة النبوية بالطريقة الغربية وذلك لضعف الثقة بالنصوص الشرعية
وإيثارهم لما يرونه من المصالح العاجلة في هذه الطرق
وتناسوا أن الطرق الشرعية فيها الخير كله والمصالح التي فيها إن كانت آجلة فهي سالمة من من المفاسد بخلاف هذه الطرق
والحق أن التجربة أثبتت أن المظاهرات محض مضيعة وقت ولا تعود بفائدة على المسلمين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم